الجمعة، 15 أغسطس 2008

يمامة‏..‏ عندما يجب أن يكون للرمزية حدود‏(1)


يمامة‏..‏ عندما يجب أن يكون للرمزية حدود‏(1)



كتب: أشــرف عـبدالمنعـم



كم كنت اتوق الي ان اتناول الاعمال



التي يتغني بها بالتحليل والنقد‏;



‏ الا ان الفرصة لم تكن تواتيني ابدا



نظرا لاحتجابه عن سوق الالبومات الغنائي



ابان الفترة التي بدأت فيها كتابة هذا



المقال الاسبوعي علي صفحات جريدتنا الغراء



ـ الاهرام ـ منذ عام‏2001,‏ حيث انه




وان ظل يربطه بجمهوره خلال هذه الفترة




رباط اغنية هنا اواخري هناك‏,‏ فإن ذلك لم




يشكل في مجموعه للاسف ما كان يمكنني



من تناول هذه الاعمال علي نحو مستفيض




خلال فترة زمنية اوعمل متكامل بعينه‏;



‏ اما اليوم‏,‏ وقد شمر هذا الصوت الدافئ





عن ساعديه فقرر النزال‏,



وهو الذي ساهم من قبل بقدر لابأس به



ابدا في تشكيل وجدان جيل انتمي انا شخصيا اليه




‏,‏ اما وقد شمر عن ساعديه‏,



‏ اذن فليلتمس لي العذر‏,‏كل العذر‏,



‏ وانا اقف منه اليوم موضع الناقد والحكم



وليس فقط موضع المستمع‏,‏وحسبي في ذلك



انه يفهم كفنان معني وقيمة النقد بالنسبه



للفنان‏;‏ وحسبي ايضا انه يتفهم جيدا قناعتي



الكاملة بأن نقدي في حد ذاته لم يكن



ابدا فوق مستوي النقد‏!!



استمعت مؤخرا الي ألبوم‏'‏ يمامة‏'‏ للفنان



والمطرب المصري علي الحجار



وكانت لي هذه الملاحظات‏:




‏*‏ عندما تستمع الي صوت علي الحجار



عموما فأنت في حضرة مطرب حقيقي‏,



‏ يستدعي جيلي من نبرات صوته عشرات




الاغنيات الناجحة التي شدا بها الرجل



علي مر ما يزيد علي عقدين من الزمان‏,



‏ ترك بها ما ترك من بصمات لاينكرها الا



ذو غفلة‏;



‏ ويسترجع بها هذا الجيل ذكريات



مكنونة ومتناثرة في ردهات الزمن‏,



‏ ما بين صيف وشتاء‏,‏ خريف وربيع‏;



‏ بما يجعل من عودة‏'‏ علي‏'‏ عودة لكل



هذا وذاك بقوة مستمدة من ماضيه



وليس فقط مما هو مستجد عليه‏,



‏ حتي وان اوحي الامر بعكس ذلك‏!!



‏*‏ في بعض اغنيات الالبوم وجدت



ملامح‏'‏ علي‏'‏ الذي اعرفه



‏,‏وفي بعض‏(‏ كثير‏)‏ آخر لم اتعرف عليه‏,



‏ رغم تأكدي من وجوده‏;



‏ وربما قد يعود ذلك الي اخفاق بعض الملحنين



او ربما الموزعين الموسيقيين في التعامل



مع تلك المساحة المضيئة في صوت علي الحجار‏,



‏ والاعتماد علي اتساع مساحة صوته‏,



‏ وقدرته علي التنقل بين النغمات دون جهد‏(‏ ملحوظ‏)!!





‏*‏ كلمات الشاعر‏(‏الاوحد‏)‏ لاغنيات الالبوم نبيل خلف



‏-‏ ولست هنا ضد هذا في شيء



وانما انا اقر حالة‏-‏ كلمات نبيل كثيرا ماجاءت



تحتمل معني الحبيبة بالمفهوم التقليدي للكلمة‏,



‏ وان احتملت ايضا في الخلفية معني الوطن‏(‏ دائما‏),



‏ وهي رمزية اتعجب لها‏;



‏ اذ لا افهم ما هو منطق استشراء فكرة التعبير



عن الوطن لدي كثير من الشعراء




عندنا بأسلوب ضمني وغير مباشر‏,



‏ وليس التعبيرعن الوطن بشكل



صريح ومباشر؟‏!‏ وكأنه وطن مسلوب‏,



‏ او كأنه لايزال يرزخ تحت نير احتلال



او ماشابه‏,‏ وليس وطنا حرا مستقلا‏,



‏ بما يضطر الشعراء الي الالتواء بالمعني المطلوب‏!!




وهو طقس فيما يبدو تناقلته الاجيال



بالايحاء من ميراث اجيال لم يكن امامها



سوي هذا المنطق في التعبير عن حب الوطن‏!!



‏ اضف الي ذلك ان للرمزية نفسها حدودا‏;



‏ فليس كل ما يتصوره الشاعر ذا معني



رمزي يكون بالضرورة هكذا‏,‏ ذلك لأن للرمزيه



ضوابط ومدلولات نفسية واجتماعيه



وتاريخية وخلافه‏,‏ تتشابك مع بعضها



البعض في العقل الجمعي‏,‏ وتتفاعل



امام الرمز الموحي به‏,



‏ فاذا بالمتلقي يجتهد في مقارنة هذا الرمز



بما يرمز اليه‏;‏ فلما تختلط الرموزوتتعقد‏,



‏ ومن ثم المعاني من ورائها‏,



‏ تكون النتيجة الوحيدة هي ان يرتد المتلقي



بالمعني الي منتهي السطحية في كثير



من الاحيان‏..‏علي عكس مايريد الشاعر للاسف‏!!



‏*‏ معظم الصور البلاغية التي استخدمها



الشاعر نبيل خلف تجنح الي الريف جنوحا‏,



‏ وتغوص في مفرداته غوصا‏,



‏ وانا وان كنت انا لا اعتبر في ذلك شائبة خطأ‏,



‏ الا انني اراه بعيدا عن روح مفردات



لغة الجمهور الذي لن يتنازل لا الحجار



ولا منتجو هذا الألبوم عن مغازلته‏..‏ في البندر‏!!



‏*‏ الموزع الموسيقي حميد الشاعري



اجاد في مستهل اغنية‏'‏ يمامة‏'



‏ باستخدام جملة حانية لآلة الكمان



يدعمها خط باص جيتار رصين تحفه



‏(‏ واوات‏)‏ جيتار كهربائي



ويزخرف كل ذلك نداءات الحجار


قادمة من المدي‏,‏ لتجسد تحليق اليمامة من بعيد‏,



‏ ثم دخول مفاجئ لجملة الايقاع المصمودي



تنسكب عليها نغمة الوتريات في اوائل الموازير



علي الاوكتافات المنخفضة‏,



‏ بما ازاد الامر رصانة‏;





كما وأعجبني ايضا التوقف الايقاعي



في شطر‏'‏ والريح جناحاتك ياحبيبتي‏'



‏ ثم مردات الوتريات حين اعادة ذات الشطر‏;



‏ وقد جاء استخدام حميد للوتريات



عموما جيدا بطول الاغنية‏;‏ حيث عرف كيف



يوظفها دون اقحام او فرض لها علي



نسيج الاغنية فأصاب‏.‏كما اجاد الشاعري



ـ كعادته ـ في تفعيل جملة الايقاع كلما



لزم الامر بما زاد اللحن حراكا وحيوية‏.



كذلك فقد جاءت‏(‏ ليالي‏)‏ الحجار



مع نهاية الاغنية قوية لما اوحت به



من شرود تلك اليمامة وعودتها الي حيث



جاءت مرة اخري‏.



‏ الملحن مصطفي قمراصاب ايضا في تجسيد



روح كلمات نبيل خلف‏;



‏ حيث استطاع قمر ان يصيغ لحنا جسد



من خلاله فرحة الحبيب بمحبوبته وذوبانه



في كل تفاصيلها عشقا‏,



‏ واللحن جاء في مقام نهاوند كردي حيث



جنس الاصل نهاوند وجنس الفرع كرد‏(‏ صعودا وهبوطا‏);



‏ وان اختلف مع الملحن في تكراره لشطر‏'‏ حد يعقلني‏'



‏ دون سرد النفي الذي يكتمل به الشطر كما



جاء قبل الاعادة‏:'‏ ولا عايز حد يعقلني‏',



‏ فجاء بعكس المعني المقصود تماما‏!!



فكرة الكلمات علي جودتها استعرضت



بعض تعبيرات عفي عليها الزمان



قليلا كمثل‏'‏معجباني يايمامتي يا خللي‏'



‏ او‏'‏ياوليفتي يا حرة‏'‏ وهي تعبيرات



اراها ثقيلة علي الاسماع بعض الشيء



وبالذات في السياق الغنائي المعاصر‏!!



‏ كذلك كرر الشاعر نفسه في اكثرمن اغنية



بانتخابه كائنا من بين الكائنات الحية



كاليمامة في هذه المرة‏,



‏ او الغزالة في موضع آخر‏(‏ في اغنية‏'‏ غزالة‏')



‏ لتمثل الحبيبة في سياق موضوع الاغنية‏;



‏ كذلك كرر الشاعر نفسه في الاغنيتين



بفكرة ترك هذا الكائن لرسالة ما‏,



‏ جاءت في حالة اليمامة‏:



'‏ تغمز لي بعينها وبتقوللي‏..



‏ولاصياد يقدر يأسرني‏',



‏ بينما جاءت مع الغزالة‏,



‏ كما سيتضح في حينها‏:'



‏ وغزالتي بتكتب ع الرملة رسالة‏..



‏ مش هاتحصلني لو تجري ورايا‏..‏ الخ‏'!!



‏ فيما اراه امرا يحتاج إلي لفت انتباه الشاعر إليه‏.



0 التعليقات:

إرسال تعليق

قائمة المدونات الإلكترونية

  • كورونا الاهلي والزمالك - باقي علي القمة الافريقية بين الاهلي والزمالك اقل من ٢٥ ساعة وناتي للاثارة والمتعة وجمال الكرة سواء من الاهلي او الزمالك ما يشغلنا في هذه المبارة موضو...
    قبل 3 أعوام
  • اعتقال أمريكي بسبب طعنه للبطيخ بطريقة عدوانية - * يواجه أمريكي تهمة التهديد من الدرجة الثانية بعدما اشتكت عليه زوجته للشرطة إثر تعرضها للإرهاب النفسي حين رأته يطعن بطيخة بطريقة "عدوانية" أمامها و...
    قبل 9 أعوام
  • La lingua Italiana per stranieri - Katerinov - La lingua Italiana per stranieri - Katerinov Book: Download here ( djvu format ) Audio: Download here
    قبل 10 أعوام
  • مسرحية " ذكى غبى جدا " - *مسرحية " ذكى غبى جدا *" *بطوله : * *على الحجار* * و محمد سعد* * و ميمى جمال* *تحميل مجاني - Free Download* *Server* مشاهدة مباشرة اون لاين *ana...
    قبل 11 عامًا
  • Pavarotti - Nessun Dorma (Live in Paris) - *ITALIAN;* *Nessun dorma! Nessun dorma!* *Tu pure, o, Principessa,* *nella tua fredda stanza,* *guardi le stelle* *che tremano d'amore* *e di speranza.* *M...
    قبل 11 عامًا
  • برلمان التحرير - «حصاوى بالمقهى يجلس شاردا وبجواره جاره» الجار: سرحان فى إيه يا حصاوى؟ حصاوى: أصلى بفكر أرشح نفسى للبرلمان. الجار: هاهاى، دا أنت مغمى عليك يا حصاوى، انتخ...
    قبل 11 عامًا
  • يا بارى الكون - يا بارى الكون فى عز وتمكين وكل شى جرى بالكاف والنون يا من احس به فى كل كائنة وقد تعاليت عن ظن وتخمين فى هدئه الليل يارب اراك فى هدئة الليل يارب اراك ف...
    قبل 12 عامًا
  • - معكم يوميا راديو الحجار من الساعه التاسعه الي الساعه العاشره صباحا ومن الساعه الثانيه ظهرا الي الرابعه ظهرا ومن الساعه الواحده بعد منتصف الليل الي السا...
    قبل 13 عامًا
  • اطفال الجنه - ايها الحب المطل من شرايين النقاء ايها الخير العظيم يا ضياء من ضايء ايها الحب المطل من شرايين النقاء ايها الخير العظيم يا ضياء من ضايء جئت بالحق تنادى ر...
    قبل 14 عامًا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة