صاحبة كل الحاجات اللي بحبها
من حوالي أسبوع كنت بتكلم على الماسينجر
مع أعز صديقاتي كراكيب و أخذنا الحوار
و تحدثنا عن أماكن و أشياء بنحبها و بتدخل
علينا البهجة و في نفس الوقت قادرة على
أن ترفع من معنوياتنا و وجدنا أنها حاجات
بسيطة بس هي بتعبر عن شخصياتنا.
و أنا أتكلم معها وجدتني عند كل مكان يريحني
فعلاً و عند كل فعل يسعدني فعلاً أذكر صديقة لي
من أيام المدرسة الثانوية و الجامعة و ما بعد ذلك
يمكن حتى 3 سنين مضوا و وجدتني أقول
"تعرفي يا نونا صاحبتي دي هي صاحبة كل الحاجات اللي بحبها".
و وجدتني أفكر في أنه لا شك أن كون شخصياتنا
تتكون و أذواقنا تتحدد في فترة الطفولة المتأخرة
و المراهقة هي حقيقة. و طبعاً بالاضافة لتوجهاتنا
الشخصية في هذه الفترة بيلعب الأهل و الأصدقاء
دور كبير في تكوين شخصياتنا.
يعني أنا مثلاُ والدي و والدتي هم أصحاب فضل
كبير في كوني على قدر جيد من الثقافة. والدي
بيحب اللغة العربية جداً و قارئ ممتاز و عنده
مجموعة كتب رائعة و هو الذي علمني كيف أقرأ.
و أنا طفلة كان مواظب على شراء مجلة ميكي لي
كل أسبوع و يحكيها لي و أسلوبه في الحكي رائع
و يشد المستمع إليه. و عندما تعلمت القراءة كان
يجلس بجواري و يقول لي "احكي لي انتي ميكي
الأسبوع دا" و هذا طبعاً ليقوي مهارات القراءة عندي.
أيضاً والدي بيحب العقاد جداً و علمنى
أن أقرأ له منذ كنت في المرحلة الاعدادية.
قرأت للعقاد كثير جداً قرأت له مجموعة
العبقريات كلها و قرأت له كتاب لن أنساه يوماً
و لكني للأسف لا أذكر اسمه الآن.
هذا الكتاب عن مملكة الحيوان.
في الكتاب علم بكل ما في هذه الكلمة
من معانٍ و لكنه علم في صورة أدب.
حقائق و معارف عن كل نوع من أنواع الحيوانات
و لكن في صورة أدبية و فيها حوار بين الحيوانات
نفسها بأسلوب شيق يجعلك تعلم الكثير و الكثير
عن هذه الأنواع من الحيوانات دون أن تشعر
و بشكل لا يخرج من ذهنك مطلقاً. أيضاً تعلمت
من والدي أن أقرأ لطه حسين و لمحمد حسنين هيكل.
كمان والدي كان له دور كبير في تشكيل
حسي الموسيقي. فهو الذي علمني أن أسمع فيروز
و كان له دائماً جملة مشهورة "فيروز دي بتغني
و هي قاعدة بين السحاب" و فعلاً الاستماع لفيروز
يرتقي بالروح و يعلني أمر بين السحاب.
و أستطيع أن أسمع فيروز في كل وقت
و بأي كمية فهي غنت كل الأغاني التي تتماشي
مع كل مقت و كل حالة نفسية من سعادة إلى
حزن إلى شجن إلى حب إلى وطنية و عروبة و استنفار للهمة.
أيضاً والدي هو من أكد حبي للموسيقى
و اشترى لي الأورج ثم الجيتار و أنا في الثانوي
و شجعني هو و الدتي على الاشتراك
في فريق الموسيقى بالمدرسة و تعلم الموضوع بأصوله
و الاشتراك في مسابقات المدارس.
أما والدتي فهي من علمتني كيف
أقرأ الأدب الروائي فهي التي علمتني
أن أقرأ الأدب الانجليزي بكل أشكاله
و أنواعه فأحببت ويليام شكسبير
و تشارلز ديكينز و أقرأ لهم باللغة الانجليزية
و لشكسبير أقرأ بالانجليزية القديمة.
أيضأ حببتني في الأدب الروائي بأشكال مختلفة
فقرأت لإحسان عبد القدوس و لأجاثا كريستي.
أمي كمان هي اللي علمتني أن أسمع عبد الحليم حافظ
و نجاة و أحب محمد عبد الوهاب و موسيقاه
و مدحت صالح و علي الحجار.
بعد هذا أتت مرحلة المراهقة في الثانوي
و الجامعة و تعرفت على صديقتي صاحبة
كل الحاجات اللي بحبها و أصبحنا مقربين جداً
و كانت هي الأخرى تحب الروايات الإنجليزية
و تشتريها دائماً و كنا نتبادل ما لدينا و نتسابق
في القراءة و كنا نقرأ هذه الروايات حتى
في الطريق من و إلى الجامعة و في المواصلات
عندما نخرج لنتفسح.
و أصبح حب القراءة ولع
و كنا نريد أن نقرأ أكبر كميات
فاكتشفت هي عند الجامعة الأمريكية
بائع جرائد و مجلات يبيع روايات انجليزية مستعملة
و ليس معنى ذلك أن تكون قديمة بالعكس
في أوقات كثيرة جداً تكون في حالة ممتازة.
و كل شهر كنا نذهب سوياً لصديقنا بائع الجرائد
و ترصد كل مننا ميزانية مساوية للأخرى لشراء
الروايات و نشتري العدد الذي نريده و نتقاسمه
فتقرأ كل مننا نصيبها ثم نتبادل و هكذا.
هي كمان التي أكدت حبي لشوارع وسط البلد
و التسوق فيها و شرب النيسكافيه في "الأمريكين".
و على الرغم من أنني مواليد مصر الجديدة
و تربيت فيها و أحبها حبي للحياة بكل شوارعها
و مناطقها، إلا أن صديقتي هذه كانت أول من عرفتني
على محل "شانتي" في منطقة الكوربة و ما أحلى
تناول الفطور و قراءة رواية رائعة هناك.
و أمام "شانتي" مباشرةً مكتبة "Every Man's Heart"
و في أحد الشوارع الخلفية في الكوربة أيضاً
محل "Fabulous" للملابس و إلى الآن لا أمر
من أمام أي فرع من فروع هذا المحل إلا
و لابد أن أدخل لأرى الجديد عنده.
ليس معنى كل هذا أننا لا هوية لنا
و كل من حولنا يشكلوننا كعجينة الصلصال
أبداً انما هي استعدادتنا و ميولنا التي
تسمح للآخرين بحفر ما نحب بداخلنا و تأكيده.
فمثلاً لو أنني من البداية ليس لدي الاستعداد للقراءة
و لا أحبها لم يكن أي أحد لينجح في أن يحببني فيها
. لو لم أكن أعشق القهوة بكل أشكالها و أصنافها لما
أحببت الأمريكين و شانتي. لو لم أكن أحب
مصر الجديدة لما أصبحت أماكني المفضلة
و التي تسعدني حقيقةٍ كلها هناك.
و لو لم أكن أحب الملابس القطنية المريحة
و التي تعطي حرية في الحركة و في نفس الوقت
هي رائعة المظهر لما أحببت "Fabulous".
هي كلها أسباب لتؤكد اتجاهتنا
و ميولنا و تحفر أحلى ذكرياتنا.
"بس تعرفي يا نونا؟ صاحبتي دي
وحشتني قوي بقالي 3 سنين ماشفتهاش
لانها تزوجت و سافرت مع زوجها إلى الرياض.
و طول الفترة دي ما تكلمناش إلا مرات قليلة قوي على الماسينجر".
لا أعلم ربما كتبت هذه التدوينة فقط لأقول لها "وحشتيني".
0 التعليقات:
إرسال تعليق