11 نوفمبر المقبل هو يوم الإعلان عن ظهور أوبريت «بكرة» للنور من مدينة دبي، وقبل أيام أعلن منذ بداية وانتهاء التسجيل في العاصمة القطرية الدوحة، وفي الصيف الماضي
، كان الإعلان الرسمي لإطلاق مشروع الأوبريت من العاصمة المغربية الرباط، في وجود المطربة الكبيرة ماجدة الرومي، مؤلفة الأوبريت، وكاظم الساهر، ملحنه، وأسماء أخري من المشاركين، وهذا الأوبريت من إنتاج منتج أمريكي شهير اسمه كوينسي جونز، والهدف من إنتاجه جمع تبرعات لفقراء منطقة الشرق الأوسط، وتمويل مشروع خيري لتعليم الموسيقي والفنون والعلوم الإنسانية للأطفال في أنحاء المنطقة بالاشتراك مع برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة.
وبعيداً عن أهمية هذا العمل من عدمه، فمن الواضح أن هناك أهدافاً أخري لهذا الأوبريت، وهو تهميش دور مصر الفني، وهي السياسة التي تم اتباعها منذ منتصف التسعينيات بمباركة من النظام السابق الذي لم يكن يعنيه الريادة الفنية لمصر، وألا ما ترك الوليد بن طلال يصول ويجول داخل الوسط الغنائي المصري، ويحصل علي ما يشاء من التراث الفني بمباركة من الدولة ممثلة في اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. تهميش مصر فنياً واضح في هذا الأوبريت، فالإعلان عنه تم في المغرب، والتسجيل في قطر وظهوره للنور في دبي في ظل تجاهل تام لعاصمة الفن والغناء العربي القاهرة، وكان دورنا في هذا العمل هو مشاركة اثنين من نجوم الغناء المصري تامر حسني وشرين عبدالوهاب شأننا شأن تونس التي تشارك منها لطيفة أو لبنان التي تشارك منها نانسي عجرم، وماجدة الرومي التي اعتذرت بعد الإعلان عن نية المنتج في عرض الأوبريت علي إحدي القنوات الإسرائيلية، وإن كانت قد قررت عدم سحب النص الذي كتبته، إذن المعاملة لمصر كانت بالشكل الذي لا يليق مع اسمها ومكانتها وإمكانياتها الفنية إنها لغة المال، فالخليج استخدم هذه اللغة لفرض نفسه علي الساحة الفنية سواء بالمهرجانات الغنائية أو السينمائية، ولأننا طوال الـ30 سنة الماضية، كنا منشغلين بالسلب والنهب وتهميش الرموز والتنكيل بها، وتحويل المهرجانات المصرية إلي عزب تدار بواسطة الشللية والمحسوبية، انشغلنا بكل شيء إلا اسم مصر، كل مجموعة وضعت يدها علي مهرجان وحولته إلي محل بقالة، لا قيم ولا مبادئ، حتي نجوم الغناء المصري جرفهم تيار المال 90٪ من المطربين المصريين ذهبوا إلي روتانا، نجوماً كباراً وخرجوا منها أشباه مطربين ولا نريد أن نقول ألفاظاً أخري، وهم يعرفون أسماءهم، والجمهور أيضاً يعرفهم حتي المؤتمرات الصحفية للألبومات أو التوقيع كانت تقام في بيروت والوحيد الذي رفض الذهاب إلي بيروت هو محمد فؤاد فقط، أما الذين قاطعوا روتانا مثل هاني شاكر ومحمد منير وعلي الحجار ومحمد الحلو، أصبحت مهرجانات الخليج محرمة عليهم، والقنوات العربية تقاطعهم تماماً، وجاء أوبريت «بكرة» ليستكمل المسيرة، وبالتأكيد لا بكرة ولا بعده سوف ينال من أهمية مصر لكنها مؤشرات عندما ندقق فيها سوف نكتشف حقيقة ما يحدث، مصر اختزلت في صوتين هما تامر وشيرين رغم أن مصر منذ عصر سيد درويش وعبدالوهاب والسنباطي كانت تقود ومع بليغ وسلطان والموجي والطويل كانت مفخرة الأصوات العربية بما فيهم ماجدة الرومي التي صنع نصف تاريخها الملحن الكبير جمال سلامة، ومن هنا خرجت أهم الأعمال الوطنية العربية بداية من «وطني حبيبي» وحتي «الحلم العربي» الذي أنتج في نهاية تسعينيات القرن الماضي وهو من ألحان حلمي بكر وصلاح الشرنوبي، وكلمات مدحت العدل وجميعهم مصريون إلي جانب المطربين المصريين الذين شاركوا بالغناء وهي أعمال تؤكد الريادة المصرية، أما أن نكون كومبارس، فهذا أمر يدعو للدهشة ويبدو أنه مقصود، ومعروف للعامة قبل الخاصة أن أموال الخليج أصبحت تحرك مقاليد الأمور في الوطن العربي والشيء الأغرب هو هذا التحالف الغريب مع الغرب، بداية من تنظيم هذه الحفلات والأحداث العالمية مروراً بالمديرين المتواجدين بالأوركسترات الخليجية الجديدة التي لم يتجاوز عمرها السنوات العشر، وبعضها لم يتجاوز عمرها العامين، كل هذه الأوركسترا تدار بعقليات إنجليزية وأمريكية، لذلك ليس بالغريب أن نجد اسم منتج مثل كونيسي جونز مع تحالفات من قطر مثل مؤسسة الدوحة للأفلام وهيئة متاحف قطر وقنوات mbc وبالتالي ليس بالغريب أن تهمش مصر وتكون مشاركتها قاصرة علي صوتين ينتميان لجيل الشباب، لأن المتابع للحدث عندما يجد اسم كاظم الساهر وماجدة الرومي قبل الاعتذار كان يتوقع أن يجدمن مصر أسماء مثل هاني شاكر وعلي الحجار ومحمد منير علي اعتبار أن التاريخ في صالحهم، ويملكون الجماهيرية والموهبة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق