مهمة
ثقيلة وشجية وجميلة أيضا عندما تفكر في الكتابة عن فنان حقيقى مثقف وواع
بما يقدمه لجمهوره وبرسالة الإبداع ودور الفنان تجاه وطنه، يزداد الحمل
ثقلا عندما يكون الفنان بحجم على الحجار خريج شوارع إمبابة، ذاك الحى
العتيق المفعم بالحياة في قلب مصر المحروسة والذي حرف المصريين نطقه من
التسمية العربية لهذه المنطقه والتي كان بابا لعبور القادم من الصعيد
للقاهرة من البابة لـ" إمبابة "كى يصبغوه بلهجتهم المصرية الخالصة الممتدة
لما قبل التاريخ والتي تقلب الباء إلى ميم، خرج علينا على الحجار بجينات
طربية توارثها عن أبيه الملحن والمطرب والمنشد إبراهيم الحجار، فضلا عن
جينات المصريين الطيبين في منطقته الشعبية ثم أصقلها بدراسته للفنون
الجميلة ليخرج لنا كل ما هو جميل وشجى وواقعى أيضا.
كان
الحجار في دار أوبرا دمنهور وسط جمهوره الذي لا يمل منه أبدا هناك قبيل
انتخابات الرئاسة في حفلته الثالثه في أقل من عام مغنيا لمصر بكل صدق ثم
شاركه صديقه الملحن فاروق الشرنوبى الغناء على المسرح حتى جاءت أغنية يا
إسكندرانى وفيها.... مدد يا مرسي ألحق لى كرسى فضج الجمهور بالضحك متذكرين
مرسي وجماعته فقام الشرنوبى بالغناء للسيسي مازحا، مدد يا سيسي عاوزك رئيسي، هنا تدخل الحجار رافضا ذلك قائلا إنه لا يغنى سوى لمصر فقط.
و
حقا على الحجار لا يغنى سوى للوطن وهو من القلائل بعد سيد درويش الذين
ابتعدوا بالغناء عن منطقة الحب العاطفى فقط إلى رحاب الغناء بمعناه الواسع
المعبر عن الإنسان في تطلعه للعدالة ورفضه للظلم وعن الوطن الذي يؤرقه.
ففى
عام 91 قامت الحكومة بمصادرة ألبوم كامل لمبدعنا الصادق باسم، لم الشمل،
والذي واكب حرب الخليج الأولى فشدا برسالته قائلا... لم الشمل بلاش تفكيكا
يا إلى بتلعب بال بلوتيكا ! وفي نفس الألبوم أبدع لنا ما تغربيناش وتقولى
قدر، ما توهيناش في موانى سفر، متضيعيناش في دموع وفراق، حتجيبى منين زينا
عشاق في قلوبنا حصاد في عميما مطر !
هكذا
يغنى على الحجار للوطن ولمن يحكمون الوطن ويتحكمون في سكانه من المواطنين
منتقصى الحقوق منتهبى الآمال، هكذا يعاتب معشوقته مصر معبرا بأشعار الرائع
جمال بخيت مؤلف الألبوم قائلا، متغربيناش في بلاد بتموت وإحنا الخالدين يا
أول زرعة وأول قوت ويا أول دين !
جمال
بخيت يعلم الجميع من هي مصر، الوطن المنتهك على يد حكامه دوما وفاروق
الشرنوبى يعبر عن ذلك موسيقيا بصدق واضح ولكن هيهات أن يجرؤ أحد غير الحجار
على شدو ذلك !
مشوار
طويل من الصدق الفنى مرورا بأيقونته ضحكة المساجين متمها بأصدق كلمات
قالها الأبنودى في حياته الشعرية وترجمها نافذ البصيرة الراحل عمار الشريعى
شجنا يبكينا به الحجار رثاءُ صادق لحالنا جميعا في الوطن الجريح المنتهب
كاشفا ومكاشفا لمصر.
الحزن محاوطكي وهمك تعابكي
وليه مش قادرة تبكي
الأعيان خانوكي
سارقين طين أبوكي
لعدوك باعوكي ولايد الزمن
باعوكي وشافوكي
وهما بيدبحوكي
وضحكوا وفاتوكي وقبضوا التمن
عروكي في ميدانهم
ولا واحد ادانهوم
وعلوا أدانهم وبقالهم جرس
جلادك محامي وحاميكي حرامي
وبايه ينفع كلامي
يا ساكنه الخرس
أبوالفتوح قلقيله
0 التعليقات:
إرسال تعليق