أغنيه اليوم
تستحق أن نفرد لها الحديث بشكل مستفيض حيث كونها إحدى العلامات البارزة في
تاريخ كتابات عصام عبد الله بل وتستحق ان تحتل مقدمه ركب كتابات عصام عبد
الله وتحتل مكانه مميزه جدا لدى عشاق مطربها على الحجار وان كنت احاول ان
انحى جانبا القصه التى كتبها عصام فى صوره اغنيه خصوصا وان الاغنيه
يتداولها عشاق عصام على انها قصه حقيقه حدثت له لكن مايعنينا بالفعل هو تلك
الدره التى خرجت فى صوره شعريه رمزيه اكثر من رائعه .
في قلب الليل
حقيقه
ليس جديد ان نرى اغنيه تكتب بأسلوب القصه القصيرة فقد سبق عصام فى تلك
النوع من الاغانى العبقرى الراحل ( حسين السيد ) فى اغنيه عبد الحليم حافظ
الشهيرة ( فاتت جنبنا ) اما عصام فقد اختلف طرحه كشكل وكمضمون لن احاول هنا
عقد مقارنات بين اغنيه من زمن واخرى من زمن اخر مختلف عنه تمام الاختلاف
ولكن الذى اثار فيا ذكر اغنيه عبد الحليم حافظ هو اغنيه على الحجار حيث
التطور الذى احدثه عصام عبد الله فى الاغنيه القصه وشكل وطريقه السرد
والصور والاخيله والالفاظ البكر التى تكتب لأول مره فى تاريخ الاغنيه
المعاصره .
بدايه
عصام لم يستخدم الاسلوب المباشر فى الطرح والذى اعتاد عليه غالبيه الشعراء
بل استخدم الرمزيه بطول خط الاغنيه ولم تحس بغرابه فى الطرح او حتى فى
الأسلوب وغلف عصام كل هذا الطرح الرمزى بأسلوب تكنيك الفاظ لم نعهده من قبل
ولم يستطع حتى الان اى شاعر غنائى او غير غنائى فى اقحام او استخدام تلك
الالفاظ والتراكيب التى استخدمها عصام بل وكانت هى اوج التألق لعصام فى تلك
الاغنيه
عصام
قلنا من قبل انه متفرد فى لهجاته وفى اسلوب طرحه المميز والذى يملك هو
وحده حقوق الملكيه الحصريه لكل تلك التراكيب الشعريه والالفاظ الصعبه جدا
والتى فى مجملها تجعلك امام اغنيه غير عاديه بحق وحقيق .
عصام
كتب لنا قصه قصيره بأسلوب اغنيه مختلف وجديد على الساحه فرسم لنا لوحه
فنيه ابرز ماحقق فيها ربط الزمان بالمكان ووصف حاله بطلى العمل المقدم بشكل
اتم الحاله بشكل غير مسبوق .
عصام
فى الاصل كاتب سيناريو ماهر ومحترف فهو فى البدايه استخدم تلك الصيغه
المعهوده التى يستخدمها اغلب السينارستات فى وصف المشهد فتجد ان فى اعلى
الصفحه مكتوب ( ليل داخلى – نهار خارجى ) واشياء من هذا القبيل عصام اعتمد
هذا الاسلوب فى الصياغه بشكل شعرى ماهر جدا فهو فى الكوبليه الاول ذكر لنا
مكان وزمان القصه وابطالها فى ابيات قليله موجزه وشرح لنا الاجواء المحيطه
بطريقه لخصت العمل كله وربط ومزج بشكل عبقرى بين المكان والزمان وبين ابطال
القصه.
فى قلب الليل – وعزف الصمت متهادى كموج النيل
فى قلب الليل – وبرد الخوف بيتكتك سنان الخيل
ومافى حد فى الشارع – سوى مهر اتربط جازع
فى شجره صنت وانا والصمت
فى برد الليل وخوف الليل
ليل
وسكون وهدوء كموج النيل وبرد وشجر صنت عتيق توصيف اكثر من رائع وعبقرى
لزمان ومكان والاجواء المحيطه بالحدث اوجزه عصام دون اخلال بالمعنى او حكى
كثير يبعث على الملل بل قام بعمل مقدمه مذهله جدا كتكنيك كتابه شعريه وكربط
ومزج بين ابطال القصه والاجواء المحيطه بهم وعندما تستمع الى الاغنيه تحس
فى الاغنيه بالتشويق جدا لما سوف تسفر عنه بقيه القصه
البدايه
المشوقه جدا والغامضه ايضا من شخص يروى ماحدث فى اجواء غريبه وبتكنيك
الفاظ جديد تماما وصل به عصام الى اقصى تطور فى كتابه الاغنيه القصه من
وجهه نظرى
.
اهم
مقطع فى تلك الاغنيه فى وجهه نظرى هو المقطع الثانى وهو بدايه تصاعد
الاحداث واقترابه من فتاه رمت به الظروف فى طريقه فى تلك الليله البارده
المظلمه الساكنه تماما
والتى
كسر صمتها وسكونها صوت الصهيل الذى كان الشراره التى انطلق منها عصام عبد
الله لكى يتحفنا بمقطع بدايه دخول القصه فى منحى اخر جديد
وصهل المهر لم افهم – اخوف منى امتعاجب
سألت المهر لم يفهم – كلام منى ولا جاوب
وكان فى عنيه بريق منى – كأنه كان بيسألنى
وقفت انظر له ينظرلى وانظر له وينظر لى
ولما صار كما خلى – فتحنا ابواب حكاوينا
وتهنا فى اغانينا
فى برد الليل وخوف الليل وحزن الليل
لن
تبهرك الاخيله والصور الجماليه بقدر ما سوف يبهرك تكنيك الصياغه والالفاظ
عصام ابتدع لغه شعريه جديده الوحيد الذى حمل اسرارها وهو الوحيد القادر على
فك طلاسمها
ترتيب الصياغه مع ترتيب وضع الكلمات لن تجدها مجرد كلمات مرصوصه بجانب بعضها بل كلمات تكمل بعضها بنفس النسق ونفس اللغه .
المقطع
الثانى من الاغنيه برأيى اهم واعظم مقطع كتبه عصام بغض النظر عن كون اى
محب لعصام قد يرى مقطع اخر الا ان هذا المقطع هو سر من اسرار كتابه عصام
وطريقه سرده العميقه جدا والجديده
وكان فى جيده قيد جارحه – وقيد فى جيدى مالمحه
لكن حسه ....اكيد حسه
وفجأه لقينا احلامنا – وصهل الفجر فى عيوننا
مسكت قيوده فكتها – صهل بمعانى حستها
وصار يجرى وينسانى –وانا باجرى فى طريق تانى
فى برد الليل
و خوف الليل
وحزن الليل
بغض
النظر عن الجناس الناقص اللفظى الذى صنعه عصام فى هذا المقطع وتكنيك
الالفاظ المستخدمه الا ان هذا المقطع اهم مقطع فى الاغنيه كلها عصام بعد
شراره اللقاء فى المقطع السابق اتى الينا هنا لكى يفسر لنا سر انجذاب
الطرفين فهما فى الاسر واحد كل حسب قيده فهو يلمح القيد المعلق فى عنقه منذ
بدايه الاغنيه والمهر يحس انه يعانى من قيد اخر مماثل لم يره ولكنه احس
بذلك ويمكن البعض قد يرى تكرار لفظ اكيد حسه انه اتى لضروره موسيقيه لحنيه
وهو اتى كضروره شعريه بحته للتأكيد على انه بالفعل يشعر به ويحسه بل وكل
شخص يرى فى الاخر نفسه حتى لو لم يبح كل طرف للاخر
لم
يكن بطل العمل يعرف انه سوف يهرب بعد ان تنفك القيود وينطلق بكل حريه دون
ان يتنظر ان يفك قيد الاخر فمجرد ان فكت القيود اطلق العنان لنفسه لكى
يتنفس نسيم الحريه خوفا من ان يقع فى الاسر مره اخرى بل والشخص الذى اطلق
قيده لم يجرى خلفه بل جرى فى طريق اخرى يبحث عن حريه مفقوده مع شخص اخر .
عصام فسر كل ما كتبت انا هنا فى هذا المقطع العبقرى الذى اعتز بسماعه جدا
المقطع الاخرى جاء منطقيا جدا فهو جاء ختام سلس وبسيط وعبقرى وعميق فى نفس الوقت
وبعد كتير فى ليل تانى
لقيته لوحده من تانى
فى جيده وايده قيد تانى
صهل تانى
ماردتش وباقى لوحدى انا بامشى
فى برد الليل
وخوف الليل
وحزن الليل
القيد
لم يكن فى الجيد ( الرقبه ) فقط بل كان فى اليد ايضا طلب منه النجده
والعون لم يستجب فهو ان كان يعتز بذكراه معه لكنه لن ينجرف الى تياره مره
اخرى ويطلق قيده لكى يهرب منه لقيد اخر سرعان ما يتطلع اليه مره اخرى لكى
يفك قيده لكنه اختار ان ينهى القصه بأن يرد بالصمت ويتركه ويرحل
الاغنيه
اعتبرها اهم ماكتب عصام فى حياته واهم ماكتبت انا عن عصام بشكل خاص واهم
ماكتبت فى حياتى على وجه العموم احب ان اهدى هذا العمل الى عصام عبد الله
وان نتذكره دوما كصانع مهم للبهجه فى حياتنا وزارع فينا فن اعتقد انه ان
الاوان لكى نحصد ثماره وان نتجول داخل بستان عصام بشكل اوسع لكى نشتم رحيق
اشعاره ونرحل بأفكارنا خارج حدود الافكار الضيقه الباليه التى اكل عليها
الشعراء وشربوا وأن نعطيه حقه فى ان يحتل مقدمه الركب كواحد من اهم شعراء
الاغنيه فى تاريخ مصر الغنائى .
الموسيقى
فى
كل مره كنت اكتب فيها عن اغانى من كلمات عصام عبد الله كنت احاول ان انحى
الموسيقى جانبا واحاول القاء الضوء على الاغنيه من زاويه عصام مع بعض
الرتوش الخفيفه عن موسيقى الاغنيه اما اغنيه اليوم لم استطع منع نفسى من
الكتابه عن موسيقى الاغغنيه حيث اتت الموسيقى التى وضعها مودى الامام متممه
للحاله تماما وبمثابه الموسيقى التصويريه التعبيريه التى جسدت القصه بشكل
اكثر من رائع يحسب لمودى الامام .
يعتبر
مودى الامام اكثر من تعاملوا مع عصام عبد الله من الموسيقين وبرع مودى
الامام فى توصيف واستخدام اسلوب الموسيقى التعبيريه التى يجيدها تماما
خصوصا وانه وضع الكثير والكثير من الموسيقى التصويريه للافلام المصريه .
البدايه
المشوقه جدا من المؤثرات الصوتيه لصوت الرياح ثم الدخول الكى بوردى والذى
تحس بأنه ركض لخيل يحاول الهروب مع الصوت الكى بوردى فى صولو المقدمه والذى
يشبه صرخه صهيل الخيل حتى سكون الحاله تماما والتريل المعزوف ( التريل
حرفين موسيقين يعزفان بأستمرار ) والذى شكل حاله من الخوف ومن الاثاره
والغموض والانصات الى غناء على الحجار وحقيقه مودى الامام روض صوت على
الحجار وابرز احلى مافى صوت على الحجار من حنيه ورقه وعذوبه وجعله مناسبا
تماما للحاله الشعريه المكتوبه من حيث روايه القصه .
مودى
الامام لم يضع فى بدايه الفاصل الاول لزمه موسيقيه محدده بل اعتمد على صوت
الكوله المناسب تماما لشجن الاغنيه وجعلها فاصل بين مقاطع الاغنيه خصوصا
وان الاغنيه لم تعتمد على الالات حيه بقدر ماكنت كلها اوركسترا فرديه كى
بورديه من مودى الامام
المقطع الاول كانت موسيقاه حالمه جدا مناسبه تماما ومهدت لشراره اللقاء
المقطع الثانى لحنيا ابرز مافيه هو الجزء اللحنى
وصار يجرى وينسانى
الحليه
التى اراها مقصوده تماما من مودى الامام والتى فسرت هروبه سريعا وبعيدا
عندما فكت قيوده وتسارع الرتم لترى جرى من الطرفين والزخم الذى وضعه مودى
الامام انت امام ملحن يرى الاغنيه كفيلم سينمائى يعرف كيف ومتى يطيل الحروف
ويمد اللحن حتى يتناسب مع الحاله
الختام
الذى اتى الينا عبقريا خصوصا مع تشريف الاغنيه لعزف الرائع المهاجر ( جمال
لطفى ) على العود لكى يضع لنا صولو مصاحب للزمه الاغنيه التى تشبه صهيل
الخيل
وصرخات
الاستجداء قبل دخول الصولو من الكى بورد والتى ارى فى تلك النوته الكى
بورديه العبقريه استجداء لفك القيد مره اخرى ولكنه تركه يصهل ويصرخ لكى
يناديه لكنه كان يذهب ويتركه وتعاملت الاغنيه مع كل هذا حتى هبطت الحاله
فجأه لكى يحل السكون مره اخرى مثلما كان الحال فى اول القصه .
فى قلب الليل
كلمات / عصام عبد الله
الحان وتوزيع موسيقى / مودى الامام
غناء / على الحجار
البوم ( فى قلب الليل انتاج شركه امباير 1987 )