يمامة بيضا.. فن الفرجة المسرحية
ينتظر جمهور المسرح فى تلهف عرض
مسرحية يمامة بيضا بالقاهرة،
وقد أعلن عن إعادة تقديمها بمسرح السلام
ثانى أيام عيد الفطر المبارك،
بعد عرضها بالإسكندرية، حيث لاقت نجاحا
جماهيريا وإعلاميا ونقديا كبيرا.
والمسرحية من إعداد وأشعار جمال بخيت، عن عودة الروح
التى كتبها توفيق الحكيم عام 1927،
وعودة الوعى وهى سلسلة
مقالات صدرت فى أوائل السبعينيات بعد
رحيل الزعيم جمال عبد الناصر،
حيث قام بخيت بقرن العملين معا
حتى يبرز مراجعة
توفيق الحكيم لآرائه،
حيث ورد فى الحوار على
لسان مصطفى (على الحجار) مصر
ناقصها مثلا
زعيم كبير يجسد عظمتها،
وينور ليلها ونهارها بالحرية،
ويجسد حلمها القديم حيث الكل فى واحد،
فترد سنية ( هدى عمار ) بأسلوب ساخر،
أيوه، أيوه.. ويفكر بالنيابة عنا، ويحلم
أحلامنا، ويحققها لنا،
ونديله حق تقرير المصير،
مصير الكل، بما أن الواحد
هو اللى بيجسد الجميع،
وهنا يظهر توفيق الحكيم
(الفنان القدير جميل عزيز
الذى جسد فى اقتدار
شخصية الكاتب الكبير)
قائلا: "الله الله يا سنية..
يسلم بقك، أنا عقلى كان
فين ساعة ما استعرت
حكاية الكل فى واحد،
عندما يصير الزمن إلى خلود
سوف نراك من جديد،
لأنك سائر إلى هناك،
حيث الكل فى واحد، يوه.. يوه
، دلوقتى بس خدت بالي،
أنا الكلام ده قدمت بي
ه عودة الروح، والروح تعنى الحياة،
ومع ذلك استعرت هذا الكلام
من نشيد الموتى الفرعوني،
ازاى يا توفيق تغلط الغلطة دي؟
! ازاى تقدم رواية المقصود
بيها التشبث بالحياة بكلمة من نشيد
الموتي."
كما رد أيضا على الشعارات
والهتافات الجوفاء التى تملأ
حياتنا السياسية ويلمح الكاتب
إلى فقدان الانتماء بقوله
كل واحد منا
أصبح جزيرة معزولة،
ولا نجتمع إلا على سيرة
أصحاب البركة
من الأموات، وأصحاب السلطة
من الأحياء، ومن مقولات العرض
على لسان المدرس لطلابه
فى الفصل الديمقراطية إنك
تاخد على دماغك،
للخواجة، وهكذا تتماس المسرحية
وهموم الناس،ومواقفهم
من المتغيرات السياسية
والاجتماعية والاقتصادية
من حولهم.
ورغم هذه الدعوة الجميلة للانتماء،
واستشعار كل منا مسئوليته
فى بناء الوطن إلا أن جمال بخيت
الشاعر الرائع لم يفلح
فى إنقاذ جمال بخيت الذى
يقدم نفسه ككاتب أو كمعد مسرحى
غير متمكن من الكتابة للمسرح، فلا يجيد حوار المسرح،
ولا بناء الشخصيات وتحديد ملامحها،
وترهل منه الحوار
فأعد نصا فقيرا،
الذى لولا حرفية ومهارة المخرج،
وإلمامه بفنون الفرجة المسرحية
لما نجح هذا العمل المأخوذ
عن إعداد رفضته لجان النصوص
مرارا وقرره رئيس البيت الفنى للمسرح.
وبعيدا عن النص المعيوب توافرت لهذا العرض أسباب النجاح
كى يخرج بهذه الصورة التى عرض بها، ألحان عمار الشريعى
تعانقت وأشعار جمال بخيت الشجية، لتسد ما أمكن وترتق النص المهلهل،
وخاصة أغنية "بيع" التى أثارت مشكلات مع الرقابة،
فى ظل الاستمرار على بيع ما تبقى من القطاع العام وسياسة الخصخصة،
وما تثيره من جدل فى الشارع المصري،
وغناها المطرب الكبير على الحجار بإحساس
عال وشجن ومرارة وتهكم، وتقول كلماتها:
يا عم بيع ما هى متباعة
وحياتنا عملوها بضاعة
باعوا حياتنا ومصانعن
باعوا حديدنا وتسليحنا
حتى قمرنا اللى جامعن
باعوه ولاد البياعة
بالإضافة إلى أغنية نظيف
التى غناها المنولوجست
والممثل الكوميدى محمود عزب
مع تقليده
لرئيس الوزراء المصرى
د. أحمد نظيف، وكانت سببا فى العدي
د من المشكلات خاصة مع تقليد عزب لنظيف.
الجو العام للنص كان راائعا
خاصة الديكور بمفرداته
التى راعت الفترةالزمنيه
التى تدور فيها الأحداث، وسهولة التنقل
من مشهد لمشهد رغم تثبيت وحدات الديكور عدا مقدمة المسرح
حيث تتنوع فيها المشاهد
الكباريه، والفرح اليهودي،
والفصل المدرسي،
والسوق، وخلفية المسرح
بدت كأنها بوابة للدخول فى الأحداث،
وإطارا ظهر فيه توفيق الحكيم
كتمثال فى مشهد الختام، فى
ظل استخدام محكم للإضاءة،
وقد أفلح المخرج فى توظيف
إمكانيات الكثير من ممثلى العرض،
فعلى الرغم من القصور
فى إحكام بناء شخصية مصطفى (على الحجار)
إلا أنه فى المساحة المتبقيه
أثبت جدارته بالتتويج كمطرب
مسرحى
من الطراز الرفيع،
ولم يفت أيضا على المخرج
اكتشاف للممثل الكوميدى الموهوب محمود عزب ليكون بهجة العرض
وسر المرح فيه،
وأعاد هدى عمار بعد ابتعادها
لفترة كممثلة
ومطربة مسرحية وممثلة،
واكتشف ودفع بأحمد على الحجار
ممثلا ومطربا،
ووظف طاقات فاطمة الكاشف،
وجميل عزيز ومحمد عبد الرازق
وحمدى هيكل ومحمد عبده
وإيمان الشرقاوي( العالمة )
، أما سعيد طرابيك فلم يغير من نفسه
ولا طريقة أدائه،
ففى كل المسرحيات التى شارك
فيها يؤدى الشخصيات
بنفس الطريقة وعليه مراجعة نفسه،
وتلوين أدائه وخاصة أنه فنان موهوب،
وكم كانت جرأة أن يدفع
بمحمد زكى ليؤدى دور
الشيخ مجاهد الكفيف،
وهو كفيف أصلا،
وأدى باقتدار وخفة ظل،
وخاصه
حين يؤدى على لحن أم كلثوم
ياعينى بالدمع جودى جودي،
جاى لك حاخام يهودي،
كما حفل العرض بتألق مجموعة
من الممثلين المشاركين
التوءم إلهامى وجمال
( الشيخ والقسيس )
ومجدى عبد الحليم وأحمد فوزي، وإيهاب مبروك،
وأحمد شحاتة، وأمان محيى الدين.
د.كمال يونس
0 التعليقات:
إرسال تعليق