علي الحجار: النظام السابق منع أغنياتي وصادر ألبوماتي وبعض رموزه ما زالوا في أماكنهم

الفنان المصري علي الحجار

يعد المطرب علي الحجار واحدا من المطربين القلائل الذين حافظوا على أسلوب خاص في الغناء على مدار مشواره الفني، ورغم ابتعاده لفترة عن سوق الكاسيت ورفضه اختبار الأغاني الهابطة التي يراها تسيء إلى تاريخه الفني، فإنه في السنوات الأخيرة عاد بأغان متميزة، كان آخرها أغنية «ضحكة المساجين» التي حققت نجاحا كبيرا بعد عرضها، وهي إحدى أغاني ألبومه «ضحكة وطن»، وأهدى في حواره لـ«الشرق الأوسط» ذلك النجاح إلى كل سجين في السجون المصرية يحاكم بسبب مطالبته بالحرية والعدل، وأهداها إلى ثوار 25 يناير والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم، وكشف الحجار في حواره عن أسباب اتخاذه قرارا برفض التعاون مع شركة «صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات» مرة أخرى، كما كشف عن سر تفاؤله بمستقبل الفن في مصر الفترة المقبلة.. وإلى نص الحوار:

* كيف جاء تعاونك مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي والملحن فاروق الشرنوبي في أغنية «ضحكة المساجين»؟

- قرأت قصيدة الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، في إحدى الصحف المصرية، وبكيت عندما قرأتها لأنني شعرت بأنها تعبر عن حالنا بعد الثورة، فهي تصف مشهد المحاكمات الهزلية لرموز النظام السابق النزلاء في زنازين 5 نجوم، وتؤدى لهم التحية العسكرية عند نزولهم من سيارة الترحيلات، بينما هناك الآلاف من سجناء الرأي تتم معاملتهم بقسوة، لمجرد أنهم يريدون الحرية لبلادهم، كأن لم تقم ثورة في مصر، فالأغنية تبكي حال البلد هذه الأيام، وعلى الفور طلبت من الأبنودي غناء الأغنية ورحب بالفكرة، واتفقنا على أن يقوم الملحن فاروق الشرنوبي بتلحين الأغنية، وتلك هي المرة الأولى التي نلتقي فيها أنا والأبنودي والشرنوبي في أغنية واحدة.

* هل نجاح الأغنية عوضك عن عدم تحقيق ألبومك الأخير «اصحى يناير» إيرادات مرتفعة؟

- إلى حد ما.. وألبومي «اصحى يناير» تعرض لظلم كبير، بسبب شركة «صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات» التي قامت بتوزيعه، وشعرت بالندم الكثير لأنني فضلت تلك الشركة على العديد من الشركات الخاصة التي كانت تريد توزيع الألبوم، وذلك بسبب أنها شركة حكومية فقط، ووقعت العقد معها بسبب نازع وطني لأنها شركة حكومية؛ لكن «صوت القاهرة» طرحت الألبوم في منافذ توزيع قليلة جدا، وبعد طرحه بأيام قليلة سحبته من جميع المنافذ، لأن الألبوم به صرخة وطنية ويحمل هموم الوطن، ويضم أغاني منها «هنا القاهرة» و«الوطن» و«فجر بلادي» و«الشهيد» و«ابتسمي يا بلدنا» و«الميدان» و«ورد بلدي»، لكن يبدو أن رموز النظام البائد ما زالوا يتحكمون في العديد من الأمور بمصر.

* هل واجهت الأمر نفسه في ظل النظام السابق؟

- نعم، ولذلك أقول إن النظام لم يسقط بل سقط أفراد قليلون منه، وما زال آخرون يتحكمون ويتبوأون مناصب قيادية في بعض المؤسسات الحكومية، ففي التسعينات من القرن الماضي سحب ألبومي «لم الشمل» من السوق، لأن كلمات أغنية «لم الشمل» تقول: «لم الشمل بلاش تفكيكا.. ياللي بتلعب بالبوليتيكا.. عايز تاكل كل من قمحك.. عايز تعزف أعزف سيكا»، كلمات الشاعر جمال بخيت وألحان فاروق الشرنوبي. وخرج الألبوم بعد حرب العراق في بداية التسعينات وكانت أغانيه تدعو إلى لم الشمل العربي؛ لكن السلطات في مصر رأت أنها تهدد الأمن الوطني، وتعرضت بسببها لمضايقات شديدة.

* وماذا ستفعل بعد تعرض ألبومك «اصحى يناير» للظلم؟

- رفعت دعوى قضائية ضد «صوت القاهرة»، كما أطرح ألبوما جديدا بعنوان «ضحكة وطن» يضم أغنية «ضحكة المساجين»، والعديد من الأغنيات الأخرى التي أهديها إلى شهداء الحرية وبعض رموز الثورة ومنهم الشيخ الشهيد عماد عفت، والبطل مينا دانيال الذي تم قتله في أحداث ماسبيرو، والناشط أحمد حرارة الذي فقد عينيه يومي 28 يناير (كانون الثاني) وفي أحداث 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهناك أيضا أغنية بعنوان «ست الناس» أهديها للفتاة التي تم سحلها في ميدان التحرير.

* من الشعراء والملحنين الذين تتعامل معهم في الألبوم الجديد؟

- يضم الألبوم مجموعة مميزة من الشعراء والملحنين من أجيال مختلفة تضم الكبار والشباب، منهم عبد الرحمن الأبنودي، وناصر رشوان، وأحمد حداد، وشقيقي أحمد الحجار، وفاروق الشرنوبي، وخليل مصطفى، ومحمد الشيخ.

* ما توقعاتك لسقف الحرية الذي سوف يكون متاحا للمطربين والغناء في الفترة المقبلة؟

- من الصعب توقع ماذا سيحدث غدا، في ظل المتغيرات الكثيرة التي تشهدها البلاد في كافة الاتجاهات، لكنني أعتقد أن الشعب المصري بعد أن عرف طريقه إلى حرية التعبير لن يتراجع مرة أخرى، وبعد أن شم نسيم الحرية عقب 30 عاما من القهر وكبت الحرية وتكميم الأفواه لن يعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر، الفنانون عانوا في ظل النظام السابق كغيرهم من باقي طوائف المجتمع من القهر والتعسف والوقوف ضد أي محاولة للارتقاء بذوق الشعب والتعبير عن عمومه، وانتشرت الأعمال الفنية الهابطة التي لا تمت للفن بصلة، وعمل رموز النظام على تغييب عقل المصري وإبعاده عن هموم بلده، بل إنه تم استبعادي ومعي مجموعة من المطربين من إحياء أي حفلات في ليالي التلفزيون وبعض المناسبات القومية لأن أغانينا تخاطب الوجدان وبها نبض ثوري، فالنظام السابق كان يخشى من الفنانين ويساعد من يقدمون الهلس والأغاني والأفلام الفاسدة التي تخاطب الغرائز فقط.

* لكن بعض المطربين لديهم تخوفات من منع الأغاني وتحريمها عقب سيطرة التيارات الإسلامية على نصيب الأسد في مجلس الشعب؟

- أعتقد أن الأغلبية تتفق على رفض الأغاني الهابطة، وتقف ضدها، خصوصا أنها تهبط بالمستوى الفكري والثقافي للمواطن المصري، أما بالنسبة للغناء العاطفي فلا يستطيع أحد أن يمنع الأغاني من الوصول إلى الناس، خصوصا في ظل تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال، كما أنني لا أعتقد أن الإخوان يرفضون الغناء، بدليل أنهم قاموا بدعوتي من قبل للغناء في إحدى الحفلات عقب ثورة 25 يناير، وهناك تواصل بينهم وبين الفنانين الذين يقدمون أعمالا هادفة، وأنا متفائل بمستقبل الفن في مصر في ظل زيادة وانتشار الوعي بين المواطنين.

* كيف أثر عليك انتشار الأغاني الهابطة في السنوات الأخيرة؟

- في الحقيقة أصبت باكتئاب شديدة في فترة طويلة من حياتي، وابتعدت عن الوسط الغنائي وسوق الكاسيت، وكنت أعتقد أن زمن الفن الجميل انتهى، وأن ذوق كل المستمعين بات هابطا، وفقدت الأمل، لكن ساعدني على تخطي تلك الأزمة أبنائي الشباب الذين ساعدوني كثيرا في فهم جيل الشباب، وعلمت أنني كنت مخطئا وكانوا همزة الوصل بيني وبين جيل الشباب، وعدت مرة أخرى إلى سوق الكاسيت واندهشت بشدة عندما حقق ألبومي «حوا وآدم» الذي أصدرته عام 2008 نجاحا كبيرا، واستقبله جمهور الشباب بترحاب شديد.