عبقريه اللفظ وسحر التفاصيل
دائما ماكانت الاغانى العاطفيه الدراميه تأخذ تسلسل طبيعى معتاد وتقليدى فى بناء الاغنيه او حتى طريقه السرد والحكى لكن عندما يكون الشاعر عصام عبد الله فأنت هنا امام حكاء مختلف وتسلسل درامى مغلف بأبعاد اخرى متغلغله
داخل نسق الروايه الاصليه لبطل العمل
اغنيه اليوم التي اتحدث عنها هى اقصى تطور فى رأيى فى كتابه الاغنيه الدراميه اغنيه اعتمدت على بناء شعرى مختلف والفاظ عبقريه طازجه تماما لم يطأها قلم شعرى من قبل بل ومغلف كل هذا بدوافع البطل النفسيه التى كانت هى الصراع الاصلى والاساسى فى الروايه فبغض النظرعن كون الاغنيه فكرتها مستهلكه جدا واستنسخت تلك الفكره الالاف المرات الا انك امام طرح جديد ومختلف ومتميز فى نفس الوقت يجمع بين عبقريه الالفاظ وسحرالتفاصيل .
عندما نتحدث عن عصام عبد الله فى كل مره نذكر انفسنا اننا امام شاعر متفرد له مدرسته الخاصه والتى لميبنها على اطلال شعراء سبقوه أوكان امتداد لاحد فعصام اسس مدرسه شعريه مستوحاه من عصام عبد الله نفسه ولا يستطيع اى متابع لعصام سوف ان يقف مندهشا امام طريقه تناول عصام عبد الله للاغنيه وطريقه صياغته له فهو لا يشبه احد كما ان سر خلطته الشعريه لم يعرفها احد سواه وايضا هىصياغه اصليه لم تعرف التقليد فأساسها وسرها كله كان فى ذهن ومخيله صانعها فقط .
أغنيه اليوم هى ( كان احساسى صحيح ) وهى واحده من اهم ماغنى على الحجار واراها اغنيه لم تأخذ القدر الكافى من البحث والتفنيد أو التفكيك والقاء الضوء عليها لكى تكشف سر عظمه صانعوها وسر عظمه الكلمات التى اراها رغم تقليديه الفكره الا ان الصياغه أتت جديده تماما ولم تطرح اغنيه بنفس الصياغه على ما أعتقد
بدايه استخدام لفظ الماضى معتاد جدا فى الحكى ( كان ياما كان ) لكن عصام لم يستخدم اللفظ لكى يربطه بمكان او احداث القصه لكن عصام كان تركيزه وشغله الشاغل هو الجانب والعامل النفسى لبطل القصه وبنى دراما القصه كلها على تحليل نفسيه البطل الذى كذب احساسه رغم انه الاصدق
كان احساسى صحيح
ورغم ده
قبلت اواجه شعورى
قبلت ااجل قرارى
قبلت افضل جريح
وكل ده
لانى كنت فى هواكى
ساجن مصيرى معاكى
زى الدخان والريح
اعتماد عصام على الفواصل فى المذهب والتحررالذى كان يكتب به دون ان يكون مقيدا ببنيه اغنيه تقليديه مصبوبه صب لكن عصام كان اكثر حريه واكثر جراءه فى ان يضع فاصل بين كل حاله ويفسر تفسيرا عميقا جدا لشعور بطل مهزوم ارتضى ان يكذب احساس وان يظل مستلما مغلوبا على امره وان يسجن نفسه ويستسلم كما يستسلم الدخان للريح يذهب به كما يشاء
عبقريه الالفاظ هنا تتلخص وتختزل فى لفظ زى الدخان والريح لو فتشت عن اكثرالالفاظ أو التعبيرات ملائمه للموقف الدرامى الذىنحن بصدده لن تجد لفظ يشرح وبعمق افضل من هذا
عصام فى الجزء الثانى من الاغنيه شرح بشكل مستفيض سبب سجن بطل العمل مع المحبوب
لعنتى فيا الظنون
ووقتها
قدمت ليكى اعتذارى
اعلنت ليكى انكسارى
شكيت اكون مجنون
وبعدها
شفته بعينى وشفته
احساسى اثبت براءته
وادى الوفا بيخون
عصام شرح طبيعه العلاقه وطبيعه الخلاف بشكل فسر حاله البطل النفسيه وانه وصل لمرحله حب جنونى مع العلم بأنه لازال يراهن على احساسه الذى اثبت برائته يا لبراعه اللفظ هنا
ان تقف امام نفسك فى مرايا وتواجه احساسك الذى يقف صامتا لا يدافع عن نفسه فى انتظار ان ترى العين وتكتشف الخيانه فتثبت براءه الاحساس
تفاعل وتناول غير مسبوق لعصام فى تحليله لنفسيه بطل العمل
الجزء الاخير برأيى عصام انهاه بشكل منطقى وواقعى جدا اعرف ان غالبيه الشعراء قد يلجأون الى الجزء الوعظى فى قفل الاغنيه بحيث يصور لنا البطل ان الحياه سوف تستمر وان مافات فات وانه قد يبدأ من جديد ورأينا هذا مرارا لكن عصام لازال يرى مابداخل نفسيه بطل العمل بشكل عبقرى ومذهل
دلوقتى لازم اكون
وحدى هنا
ماتفرقيش عن سواكى
كل اللى فيهم ماليكى
نفس الرتوش واللون
اما انا
لابدان ابدأ رحيلى
ماعدتش بعدك باقيلى
ماعدتش شىء مضمون
نهايه منطقيه جدا حافظ فيها على نفس نسق الكتابه فى البدايه على النقلات التى كان يشرح بداخلها تفصيله او جزئيه جديده عن القصه المطروحه وهنا قررالرحيل وهو لايملك اى ضمانات لحب جديد وهذا منطقى جدا ويحدث بل وقد تكره الجنس الاخر لفتره ليست بالكبيره عصام كان يدرك تماما انه امام انسان طبيعى جدا لا انسان الاغنيه الذى قد يوهمك بواقع غير الواقع وبأحداث لا تحدث واقعيا
عصام بتلك الاغنيه اثبت ان الاغنيه لها الف مليون وجه ممكن ان تتناولها فى كل مره بطرح جديده وتناول مختلف عما قبله دون الحاجه ان تكرر نفسك او تدور فى نفس فلك الالفاظ عصام رحمه الله عليه كان شلال الفاظ وتراكيب تصويريه قلما ماتجد شاعر كان يملك من الحنكه والخبره والعبقريه والالهام الشعرى لكى يطرح لنا فى كل مره يتناول فيها موضوعا طرحا جديدا طازجا دون تكرار اوملل .
اداء على الحجار جاء صادقا تماما ومعبرا عن مضمون الاغنيه صوت على الحجار فى تلك الفتره كان كالجواد الجامح الذى لايقف امام اى حواجز غنائيه قد تعيقه فهو يغنى اى شىء ويغنى كل شئ لا حدود ولا حواجز تفصل عن ادائه لاى نمط او شكل موسيقى .
لحن اغنيه اليوم الملحن خليل مصطفى وحقيقه استطاع ان ينقل لنا الحاله الدراميه بشكل موسيقى محترم وتعامل مع الفواصل التى كتبها عصام عبد الله بخفه ونقلها لنا فى صوره موسيقيه جسدت انكسار بطل العمل بشكل اكثر من رائع وتعامل الموزع والمؤلف الموسيقى ميشيل المصرى بشكل جيد مع اللحن خصوصا خط الوتريات واستخدام صوت الكى بورد الذى يحاور الكمنجات فى لزمه الفاصل الموسيقى مع خط باص جيتار قوى جدا بالطبع الاغنيه تنفيذها كان من الممكن ان تنفذ بشكل اكبر واقوى مما ظهرت لنا لكن يجب ان نعرف ان تلك الاغنيه فى بدايات علىالحجار وبدايه الثمانينات ولم تكن هناك ثوره تكنولوجيه كالتى نعيشها الان لكن التوزيع كان ملائما لاجواء الاغنيه بشكل جيد جدا
فى النهايه احب ان اشكر الصديق العزيز شريف رشدى على مساهمته الجليله فى ابراز هذا العمل الى النور فله منى جزيل الشكر
كان احساسى صحيح
كلمات / عصام عبد الله
لحن / خليل مصطفى
توزيع / ميشيل المصرى
غناء / على الحجار
البوم ( اعذرينى ) انتاج صوت الدلتا 1981
0 التعليقات:
إرسال تعليق