الفلك
--------------------
فى ليلة ثقيلة تعثرت به جريحاً .. كان غضا ًصغيراً ... يملؤك شفقة فى إنزوائه ...
تناولته من ركنه الموحش والحزن يكسرنى ... كنت ما أفتأ أتفقده ... كم قطعت
الليل إلى جواره وهو يئن ... كم أخذتنى الحمى لزفراته ... كم إختلطت دموعى
بقطرات دمه .....
داويته وأوقفت نزيفه ... وتعهدت جرحه ... ورويدا ً رويدا ً كنت أخرج به إلى
الشمس والهواء برفق
سنوات وسنوات ... حتى تعافى .....
كانت تملؤنى السعادة وأنا أرقبه يألف ويؤلَف ... ما عدت أحصى مرات إيلافه
وإئتلافه مخافة أن أحسده ....
كانت فتوته ومجونه تسرِينى ... كنت أفيض غبطة وأنا أراه يتقافز .. لاهيا ً تارة
شاديا ً تارة .. شاردا ً تارة .. ينزوى مغاضبا ًأحدهم تارة .. ويحتجب متغاضبا ً
من أحدهم تارة ... ويقهقه ويعابث تارات وتارات .....
ودوما ً كان يعود منتشيا ً منتصرا ً ... ودوما ً كنت أستقبله مزهوا ً هاشا ً باشا ً....
لا أذكر أنى كنت آبه كثيرا ً إن كان فى إنتصاره كسراً لآخر ....
وكعادته فى ذلك الصباح كان مع إلف جديد يحلقان .. لم يستوقفنى وقتها كثيرا ً
إختلاف الإلف الجديد عن الآخرين ... كانت ثقتى فيه كبيرة .. كان كدأبه يقترب
من إلفه الجديد فى وداعة وإستئناس آسرين ... كعهدى به , كان خبيرا ً بالمداخل
يعرف لها سبلها وأسبابها ...
وأيضا ً لم يستوقفنى طول الزمن الذى قضاه لا يبدل إلفه هذا , فقد طغت ثقتى به
على إحتجاج كان يراودنى , لعلمى به أنه ملول ... بيد أنه بدا وكأنه لا يريد أن
يبرح فلك إلفه الجديد ...
أشفقت عليه أن أنهره أو حتى أنهاه ... كم لفقت له من مقابلات لآخرين لأصرفه
عن فلك إلفه ذلك , الذى كان لا يبدو لى إلا فى غلالة من توجس .. رغم سعادة
كنت أراها دائما ً تحفهما ... أيقنت أنه لن يمل سريعا ً ذلك الفلك ....
تركته ....
كففت عن ملاحقته .. أخذنى ترحالى وعملى .. غير أن خوفى عليه كان يدفعنى
كل ليلة لأن أرنو إليه .. لأجده هناك لم يزل يدور فى فلكه ... وإن بدا ساهما ً
.. إلا أنه كان لايكف عن الدوران ......
وفى ليلة ثقيلة كتلك التى كانت ... هممت أتفقده ... ظننته يعابثنى أول الأمر لما
لم أجده ... بحثت عنه ... ما هدانى إليه إلا صوت أناته ... كان ملقى .. منزويا ً
فى ركنه القديم الموحش .... هرولت إليه تعترينى إنتفاضة ً ....
ما بالك ... ما أصابك .....ويحى يا صغيرى .... بل ويحى يا كهلى ......
حملته ينزف وركضت ..وترنحت .. وكبوت .. وجثوت .... وهو ينزف ...
زم ً الطبيب شفتيه بأسف وهو يحاول أن يبدى تأثرا يتناسب ولوعتى :-
-- صدقنى .. لقد فعلت ما بوسعى ... بيد أن الجرح غائر .... ويبدو أن النصل
كان ملوثا ً .... آسف .... لن يكون لك أكثر من مضخة .........
لقد إنتهت قدراته كقلب .......
صلاح ابو الحمد حفنى
مساء الخير أستاذ صلاح :
اسمح لي أستاذي الكريم
أن أدخل في نقاش الفلك
دون دعوة منك ,
فقد قرأتُ قصتك مرتين ,
وكنتُ في المرة الأولى
أقرؤها وكأنني أستمعُ
لأغنية علي الحجار
الرائعة ( في قلب الليل ) ,
ولأنها أغنية غير مشهورة
( حال الأغاني التي
تحملُ أفكاراً عميقةً )
فأظن أن من يعرفها قليلٌ ,
وستسأل لماذا
التشابه بين قصة وأغنية ؟؟
, وإليك جوابي :
الأغنية والقصة كلاهما
يعتمدُ الرمز ,
ففي الأغنية وبظروفٍ
شبيهةٍ بالقصة يجد
الكاتبُ حصاناً ,
وهذا الحصان يُعاني من الأسر ,
ومن واقع فُرض عليه ,
وقصةُ الكاتب مع هذا الشيء
( القلب أو الحصان )
هي الموضوع وهي الحبكة ,
وهنا تختلفُ تفاصيلُ الأغنية
وتفاصيلُ القصة ,
وأما النهاية فهي واحدة ,
فكلاهما يرفضُ السكون ,
ويرفضُ تعلم الدرس
من التجربة ,
حتى لو تعرض للألم
مرةً ثانيةُ ,,,
... فكرة القصة قديمة , ولكن هذا لايعيبها ,
حبكة القصة ومقدمتها يحتاجان إلى عنايةٍ أكثر ,
لكنها بالعموم قصة جميلة . وكاتبها يمتلكُ
موهبة كتابةِ القصة القصيرة ,,,
0 التعليقات:
إرسال تعليق