«أيام، ورا أيام، لا الجرح يهدى
ولا الرجا بينام» كانت تلك
بعضا من كلمات أغنية المقدمة
لمسلسل «الأيام» الذي قدم
سيرة عميد الأدب العربي
طه حسين في نهاية السبعينات
من القرن الماضي،
وقد غنى تتر ذلك المسلسل
الفنان علي الحجار. وبحق،
فإن كلمات تلك الأغنية التي
كانت إيذاناً ببدء عهد التترات
في الدراما التلفزيونية،
لا تزال تتردد في أذهان
وأسماع المشاهدين للمسلسل
كلما جاء ذكر الدكتور طه حسين
أو الفنان الراحل أحمد زكي
الذي جسد شخصيته .
فقبل هذا العمل، كانت تترات
المسلسلات عبارة عن قطعة
من الموسيقى، أو مجموعة
جمل ثابتة ترددها المجاميع،
ولكن بعد نجاح تجربة تتر
مسلسل «الأيام» تكررت التجربة،
صحيح أنها لم تكن بنفس الأسلوب
ولا التطور الذي بتنا نسمعه
في تترات أعمال هذه الأيام،
إلا أن كلمات تلك الأعمال
وموسيقاها ما زالت تعيش
في وجدان الجماهير التي
ارتبطت معها بذكريات خلدت
تلك التترات. ومن بين تلك
الأعمال مسلسل
«أبنائي الأعزاء شكراً»
الشهير باسم «بابا عبده»
للفنان الراحل عبد المنعم مدبولي،
ومسلسل «برج الحظ»
الشهير باسم «شراره»
للفنان محمد عوض.
ومن لا يذكر تتر
مسلسل «الشهد والدموع»
بأداء علي الحجار الذي
جاءت كلماته معبرة عن
توحد البشر في الهموم والمشاعر،
وكان بعضها يقول
«تحت نفس الشمس
وفوق نفس التراب
كلنا بنجري ورا نفس السراب»؟
أو تتر مسلسل
«رحلة أبو العلا البشري»
الذي غناه علي الحجار أيضاً
وكانت كلماته تقول:
«ما تمنعوش الصادقين عن صدقهم،
ولا تحرموش العاشقين من عشقهم،
كل اللي عايشين من البشر
من حقهم يمشوا ويكملوا،
يقفوا ويتكعبلوا، ويتوهوا
أو يوصلوا، وإذا كنا مش
قادرين نكون زيهم،
نتأمل الأحوال، ونوزن الأفعال
، يمكن إذا صدقنا
نمشي في صفهم»؟
وإذا كان المسلسل يعرف من تتره،
كما يحلو للبعض أن يقول،
فإن مسلسل «ليالي الحلمية»
لذي عرض جزؤه الأول
في العام 1987 وحمل تتره
توقيع سيد حجاب في الكلمات،
وميشيل المصري في التلحين،
ومحمد الحلو في الغناء،
نجح في جذب الجماهير
في أرجاء العالم العربي
من مجرد سماعهم لتتر المقدمة
الذي لم يعبر فقط عن
أحداث المسلسل وشخصياته،
ولكنه منح المشاهدين الإحساس
بالحنين للماضي والوطن
والأحباب. كما يتضح في
بعض من تلك الكلمات التي
تغنى بها الحلو بصوته قائلاً:
«ليه يا زمان ما سبتناش أبريا،
وواخدنا ليه لطريق
ما منوش رجوع،
أقسى همومنا يفجر السخرية،
وأصفى ضحكة
تتوه في بحر الدموع».
وذلك المقطع الذي يقول:
«من انكسار الروح في
ضوح الوطن،
ييجي احتضار الشوق
في سجن البدن،
من اختمار الحلم ييجي النهار،
ويعود غريب الدار
لأهل وسكن».
وحتى الآن يستمتع المشاهد
بتلك الأغنية التي عاشت
أكثر من أحداث المسلسل
وشخوصه في ذاكرة الجمهور،
وكانت سبباً في الاهتمام الشديد
من قبل صانعي الدراما التلفزيونية
بصناعة تترات المسلسلات.
وتكرر ذلك في مسلسلات أخرى
مثل «المال والبنون»
التي غناها علي الحجار وحنان ماضي،
ومسلسل «زيزينيا»
التي غناها محمد الحلو.
وعلى الرغم من تلك
الأعمال الماضية وقوتها،
إلا أن الأعوام الماضية
شهدت تطوراً ملحوظاً في
عالم تترات المسلسلات،
وبخاصة هذا العام الذي
مثل فيه التتر البطل الأول
في الأعمال الدرامية
التي حظيت بإعجاب المشاهدين
ومتابعتهم، وفي مقدمة تلك
الأعمال «يتربي في عزو»
التي غناها هشام عباس
وقيل إنها كانت أكثر نجاحاً
من ألبومه الغنائي الأخير،
وتتر «قضية رأي عام»
التي غنتها أمال ماهر وكتب
كلماتها دكتور مدحت العدل،
وتتر «الدالي» الذي يعد أول
عمل للمطرب اللبناني وائل جسار
في عالم التترات المصرية.
هذا العام لم يكن فقط عام
التترات الجيدة ولكنه العام
الذي أكد نجومية عدد من
كتاب الأغاني وملحنيها
وفي مقدمتهم الشاعر أيمن بهجت قمر
الذي برع في كتابة كلمات تتر
«يتربي في عزو» سواء تتر المقدمة،
الذي جاء يقول:
«يتربي في عزو حماده عزو،
نونا على الحجر ماما تهزو»
وكلمات النهاية ومنها:
«بتعيد وتزيد في الحضارات،
قوم أعمل حاجة وورينا،
بقي جدك يبني أهرامات،
وعيالك يلعبوا في الطينة»،
كما كتب كلمات
تترات مسلسل «أزهار»،
ومسلسل «أحلامك أوامر»،
ومسلسل «سلطان الغرام».
أيمن الذي شبه البعض
الأسلوب الذي يكتب به
بما كان يتغنى به سيد درويش
في الماضي، أكد أن أهم ما يعنيه
عند كتابته لتتر أي مسلسل
هو فهم كافة أبعاد القضية
التي يناقشها وفهم طبيعة الشخصيات ومعايشتها حتى تأتي الكلمات
معبرة عن المسلسل بالفعل من
خلال كلمات غير معتادة كما
حدث في كلمات مسلسلي
«يتربي في عزو»
و«أحلامك أوامر».
وأشار أيمن إلى أن اختيار
المطرب من أهم عوامل
نجاح التتر، فيجب أن
تتناسب الكلمات واللحن
مع صوت الفنان وطبيعته.
اللحن هو الآخر يلعب دوراً
مهماً في نجاح التترات
والموسيقى التصويرية
للمشاهد الداخلية في العمل،
هذا العام نجح الملحن محمود طلعت
في إثبات وجوده من خلال
العديد من الأعمال، جاء في
مقدمتها «يتربي في عزو».
محمود قال إن نجاح التتر
يفرضه نجاح المسلسل في
المقام الأول، نافياً ما يقال
عن قدرة التتر في إنجاح عمل
درامي هو في الأساس فاشل.
إلا أنه أضاف: «يستطيع التتر
المساعدة في زيادة اهتمام المشاهد
ومتابعته للعمل الجيد برشاقة الكلمة
واللحن المعبر، وليس العكس،
كما يمكن للتتر الاحتفاظ بمكان
للعمل في أذهان المشاهدين حتى
ولو مرت سنوات عليه».
0 التعليقات:
إرسال تعليق