الاثنين، 1 ديسمبر 2008

الثقافة الموسيقية هل يصبح لها دور في مجتمعنا!


الثقافة الموسيقية هل يصبح لها دور في مجتمعنا!


كتبت : نهال قاسم


أجمع المشاركون فى الندوة التى عقدت بالمجلس الأعلى للثقافة


حول تأثير الإعلام على الموسيقى و الغناء ،


على الفجوة الواضحة ما بين الإعلام و الموسيقى الرفيعة ،


و الغناء الأوبرالى ، و الغناء الشائع و المتداول فى الأفلام أو المسلسلات ،


مؤكدين على الدور القيادي لدار الأوبرا المصرية التى أسهمت


فى تقديم و نشر هذه الموسيقى الراقية ،


و التى تساهم فى الإرتقاء بذوق ، و أخلاق المستمع أو المتلقى ،


و يحذر د. محمد حمدي – رئيس البيت الفنى للموسيقى ،


من ضغوط السوق التى فرضت علينا أنواعا معينة


من الموسيقى ، و الغناء ، الآخذ فى الإنتشار فى دار الأوبرا التى


بدأت تنتشر فيها الحفلات الشبابية ،


التى تجتذب الجماهير التى تفتقر إلى تذوق ،


وإدراك قيمة هذه الموسيقى الرفيعة ،


بسبب عدم تواصلها عبر الأجيال الجديدة ! إنتعاش فني!


و قد استرجع الشاعر سيد حجاب مسيرة الفنون المصرية الحديثة


التى بدأت محاولات تأسيسها فى عصر النهضة التى قامت


فى عهد " محمد على " باشا ، وقيامها بداية بجمع مجموعة


من الموشحات القديمة ، ثم بدأ يحدث نوعا من التواصل ما بين


الغناء المصرى و التركي على يد مجموعة من الفنانين كان منهم ،


( محمد عثمان ، عبده الحمولي ) ثم بدأ يظهر الفلكلور المصرى


فى الغناء الحديث ، و المحاولات الأولى لتأسيس الموسيقى العربية ،


و الغناء الوطني على يد الفنان " سيد درويش " ،


ثم بدأت تظهر كوادر الغناء المصرى التى تجاوزت الأساليب الغنائية


القديمة على يد " أم كلثوم " ، و " عبد الوهاب " ، اللذان أشاع


ا نمط جديد من الغناء الذى كان مزيجا من ألوان الغناء السابقة ،


و قد تواصلت جهود المبدعين ، و الفنانين ،


حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952 ، حيث بدأ تأسيس الإذاعة المصرية ،


كوسيط ما بين الفنانين و المتلقين ،


ومنبر أساسي فى نشر الفنون الراقية ،


و أحاديث أعلام الفكر والأدب من أمثال


( د. طه حسين ، محمود عباس العقاد ، فكرى أباظة ..إلخ ) ،


و مسرحيات ( نجيب الريحاني ) ،


و يضيف " حجاب " إنه مع بدء النظام الناصري فى بناء الدولة الحديثة


حيث تحولت الإذاعة المصرية عن متابعة الأحداث الثقافية ،


وبدأت تتحول إلى منبر للإرشاد القومي ،


و إستخدام الأغاني التى تقدم سواء عبر الإذاعة


أو التليفزيون فى الإحتفالات الغنائية كنوع من الدعاية السياسية


أكثر من انتمائها إلى الفن الأصيل ! و يذكر " حجاب "


إن هذه التطورات قد دفعت العديد من المبدعين ،


و المثقفين إلى تأسيس مؤسساتهم الخاصة


حتى يتمكنوا من خلالها من مواصلة إبداعاتهم الفنية ،


و الثقافية ، كما قام معظم نجوم السينما بإنتاج أفلامهم


التى تعد إضافة حقيقية للسينما المصرية التى سرعان


ما بدأت الدولة تسعى إلى الإستيلاء عليها ،


كما بدأت الإذاعة فى تلك الفترة تهتم ببرامج


الهواة التى أخرجت لنا العديد من الشعراء ، و الملحنين ،


والأصوات الجديدة حتى عام 1973 ،


و الذى بدأ من بعده التدهور فى كافة أنواع الفنون


حتى وصلنا إلى الخطر الحالي الذى يحدق بالهوية المصرية


مع بداية الحقبة الخليجية التى بدأت تتسلل إلى مجال


إنتاج الدراما المصرية ، و فرض شروطها السلفية الوهابية ،


و إنتشار الملاهي الليلية فى مصر ، التى قامت بالترويج


لنجوم الغناء العربي الذين وجدوا فى القاهرة ساحة للإنطلاق ،


و الإنتشار الفنى ، محذرا من دخول تجار الخردة فى

حقل الإنتاج الفنى ، و الذين هم أبعد ما يكونوا عن رسالة الفن


و مضمونه ، و هو ما أفسد ذوق الجماهير ،


فضلا عن سيادة موجة إحتكار الأصوات المصرية


ليس بهدف نشر الثقافة أو الفكر ، و إنما محاولة لإستقطابهم ،


و نشر الأصوات العربية ، عبر الأغانى الهابطة التى تعتمد


على الرقص الغرائزى ، والبرامج التى تستهدف أموال المشاهدين العرب ،


و إغرائهم بالثراء السريع دون جهد يذكر ،


من خلال التصويت على هذه الأصوات الغنائية العربية ،


و من ثم فقد بدأت الفنون الرفيعة تتراجع و التى كانت


تسهم فى بناء هذه الأمة ،


محذرا من هذه المحاولات التى تهدف إلى تدميرنا ،


وسلبنا عاداتنا و تقاليدنا الأصيلة ! صراع البقاء!


و يذكر "د. حمدي "- رئيس البيت الفنى للموسيقى ،


الأسباب التى تعيق إنتشار مثل هذه الموسيقى ،


و منها غياب دور الإعلام ، و النقد الموسيقى الجاد الهادف ،


و إختفاء و تراجع البرامج الموسيقية التى كانت


تقدم فى السابق من قبل المتخصصين


مثل البرنامج الشهير للدكتورة " رتيبة الحفنى "


و الدكتورة " سمحة الخولى " ، و الدكتورة "عواطف عبد الكريم "..إلخ ،


آسفا من إنه فى حالة إذاعة إحدى هذه البرامج المتخصصة ،


أو الحفلات الرفيعة فإنه يتم عرضها فى الساعات الأولى من الفجر !


ويضيف " د.حمدي " إنه يحاول دعم


فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية ،


بدأت تتجه إلى أداء الأغاني التى تقدم حاليا من قبل بعض المطربين


الذين يحاولون الإحتفاظ بأصالتهم مع دمج أغانيهم


بموسيقى العصر مثل الفنان ( على الحجار ، هاني شاكر ، مدحت صالح ،


محمد منير ..إلخ ) ،


كما يقوموم أيضا بدعم فرقة الكورال التابعة


لدار الأوبرا المصرية ، و هو أمر بالغ الصعوبة نظرا إلى


حاجتها لنوعية خاصة من العازفين ، و المطربين


المتخصصين الملتزمين ، فى تقديم الأغاني التراثية


القديمة التى لا تزال تلاقى إقبالا جماهيريا منقطع النظير ،


و هو الأمر الذى يحفظها من الإندثار فى مواجهة الأغاني


الجماهيرية الأكثر ذيوعا و إنتشار ، و جلبا للأرباح ! تجاهل !


و قد أنتقد المايسترو أحمد الصعيدي الغياب الإعلامي ،

و النقد الموسيقى سواء على المستوى المحلى أو عالمي ،


و الذى كان و لا يزال مسئولا عن ثقافة الجمهور الموسيقية


بإعتبارهم بمثابة الجسور ما بين المجتمع و الفنون عامة ،


و نشر الثقافة الموسيقية التى تساهم فى تشكيل


وجدان شريحة عريضة فى المجتمع المصرى ،


مؤكدا على أهمية النقد الفنى فى تشجيع الإبداع الموسيقى


بكل إتجاهاته و أنواعه ، و رصد تطور حركة التأليف الموسيقي


المصرى المعاصر ، و الذى يحمل قيم موسيقية جديدة


مستمدة من التراث المعتقدات ، و المنظومات الثقافية ،


و الإجتماعية ، و الكشف عن القيم الجمالية فيه،


إبراز بعض العلامات المضيئة فيه ، و إحياء الهوية المصرية



الموسيقية من خلال تشجيع الفرق المصرية للتراث الشعبي


مما يعمق الإحساس لدى المتلقى بقيمة هذا التراث ،


الذى كان ذات يوم علامة بارزة ما بين الدول العربية ،


و إلقاء الضوء على القضايا الفنية الجادة التى تتعلق


بالموسيقى التراثية بشقيها الشعبي ، و التقليدي


الذى ظهر فى الثلاثينيات من القرن العشرين


مع ( يوسف جريس ، أبو بكر خيرت ، حسن رشيد ، و غيرهم )


و الذين قدمت أعمالهم فى الخارج و لاقت كل التقدير و الإعجاب


من قبل النقاد ، و الجماهير ، مؤكدا إنه كفنان يحتاج


إلى النقد الجاد الذى يشجعه على الإستمرار ،


أو تصحيح مساره عند حدوث خلل ما ،


و الذى يتواجد حاليا فى الصحف المصرية التى


تصدر بلغات أجنبية ، و يصدر غالبا من غير المتخصصين


مما يجعله يتخذ شكل النقد الإنطباعى بالإشادة


بالعمل أو رفضه ! كما إنتقد " الصعيدي " وسائل الإعلام السمعية ،


و المرئية ، التى تبدو فيها الموسيقى الرفيعة شبه غائبة ،


فيما عدا البرنامج الموسيقى - f.m- بالإذاعة المصرية ،


و المقصور سماعه على نوعية و فئات معينة من المتخصصين ،


منتقدا تقديم الموسيقى فيها بشكل متواصل


و دون التنويه عن كل قطعة ، و تاريخها ، ومؤلفها ، وعازفها ،


على نحو ما يحدث فى الغرب ، مما يعمل على


تقريب الأعمال الموسيقية ، و تمهيد المستمع للتفاعل


مع العمل الموسيقى و الإستمتاع بجمالياته !


و يشير الناقد الفنى " أشرف عبد المنعم " إلى الإشكالية


التى تحول دون قيام النقد الموسيقى بالدور المطلوب منه ،


و ذلك لعدة أسباب منها ، غياب الناقد الموضوع وطغيان


الخلفية الثقافية للكتاب ، وعدم توافر حد أدنى من


الثقافة الموسيقية المتعمقة من المعرفة بالمبادئ الفنية ،


و النظرية للموسيقى ، و تاريخها ، مما يحول دون


مشاركتهم فى وضع معايير أو نمط للنقد الموسيقى


فى الصحف اليومية ، و هو ما يفسر أيضا الكم الكبير


فى النقد العام للموسيقى فى الصحف ،


و المجلات المختلفة التى تنصب فيها معظم


المقالات حول الأغنية ، و الألبومات الغنائية


التى تستحوذ على إهتمام وسائل الإعلام ،


و القنوات الأرضية و الفضائية ، و الإذاعية ،


و كل الصفحات الفنية فى الصحف القومية و المعارضة ،


التى تهتم بإرضاء الذوق العام ، و ليس تثقيف القارىء ،


و مساعدته على تفهم الأعمال الموسيقية الجادة ،


مستشهدا بتجربته فى جريدة الأهرام حين تم إسناد


صفحة النقد الموسيقى له بإعتباره دارسا لها ،


و التى ما لبثت أن تم إختزالها إلى النصف ،


عند إجراء بعض التعديلات فى صفحات الجريدة ،


و هكذا يجد المؤلف ، و الموسيقى المصرى التجاهل التام ،


و عدم الإهتمام بحركة التأليف الموسيقى المعاصر،


وتشجيع الإستمرار و المثابرة فى سبيل إبداع الموسيقى


الجادة ذات الهوية المصرية ، و افتقاد المسرح الغنائي-


بسبب تكلفته المادية الباهظة –


و الذى ينعش الحركة الموسيقية ،


و أخيرا ثقافة المجتمع المصرى بشكل عام ،


والذي لم يتربى على التذوق الموسيقى


الذى هو بالنسبة إليه ليس إلا مجرد ترفيه ،


بل و قد تدخل الموسيقى أحيانا فى دائرة الحرمانية !

0 التعليقات:

إرسال تعليق

قائمة المدونات الإلكترونية

  • كورونا الاهلي والزمالك - باقي علي القمة الافريقية بين الاهلي والزمالك اقل من ٢٥ ساعة وناتي للاثارة والمتعة وجمال الكرة سواء من الاهلي او الزمالك ما يشغلنا في هذه المبارة موضو...
    قبل 3 أعوام
  • اعتقال أمريكي بسبب طعنه للبطيخ بطريقة عدوانية - * يواجه أمريكي تهمة التهديد من الدرجة الثانية بعدما اشتكت عليه زوجته للشرطة إثر تعرضها للإرهاب النفسي حين رأته يطعن بطيخة بطريقة "عدوانية" أمامها و...
    قبل 10 أعوام
  • La lingua Italiana per stranieri - Katerinov - La lingua Italiana per stranieri - Katerinov Book: Download here ( djvu format ) Audio: Download here
    قبل 11 عامًا
  • مسرحية " ذكى غبى جدا " - *مسرحية " ذكى غبى جدا *" *بطوله : * *على الحجار* * و محمد سعد* * و ميمى جمال* *تحميل مجاني - Free Download* *Server* مشاهدة مباشرة اون لاين *ana...
    قبل 11 عامًا
  • Pavarotti - Nessun Dorma (Live in Paris) - *ITALIAN;* *Nessun dorma! Nessun dorma!* *Tu pure, o, Principessa,* *nella tua fredda stanza,* *guardi le stelle* *che tremano d'amore* *e di speranza.* *M...
    قبل 11 عامًا
  • برلمان التحرير - «حصاوى بالمقهى يجلس شاردا وبجواره جاره» الجار: سرحان فى إيه يا حصاوى؟ حصاوى: أصلى بفكر أرشح نفسى للبرلمان. الجار: هاهاى، دا أنت مغمى عليك يا حصاوى، انتخ...
    قبل 11 عامًا
  • يا بارى الكون - يا بارى الكون فى عز وتمكين وكل شى جرى بالكاف والنون يا من احس به فى كل كائنة وقد تعاليت عن ظن وتخمين فى هدئه الليل يارب اراك فى هدئة الليل يارب اراك ف...
    قبل 12 عامًا
  • - معكم يوميا راديو الحجار من الساعه التاسعه الي الساعه العاشره صباحا ومن الساعه الثانيه ظهرا الي الرابعه ظهرا ومن الساعه الواحده بعد منتصف الليل الي السا...
    قبل 14 عامًا
  • اطفال الجنه - ايها الحب المطل من شرايين النقاء ايها الخير العظيم يا ضياء من ضايء ايها الحب المطل من شرايين النقاء ايها الخير العظيم يا ضياء من ضايء جئت بالحق تنادى ر...
    قبل 14 عامًا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة